بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد النبي الأمي وعلى آله وصحبه وسلم آمين.
السادة الحضور، يعقد هذا المؤتمر في مرحلة تاريخية صعبة لم تشهدها المنطقة العربية من قبل، إنها مرحلة فارقة بين ماض مؤلم وحاضر مزدحم بالصراعات السياسية والمذهبية ومستقبل ضبابي يصعب على المحلل السياسي أن يكتشف ما سوف تكون عليه المنطقة العربية كلها في الغد.
لقد تفشت ظاهرة الإرهاب الأسود في المنطقة تعبير عما تضج به من تضارب في الأفكار والمعتقدات وأصبحت ظاهرة الإرهاب عابرة للحدود الجغرافية والقارات إلى دول أوروبا وأمريكا ، ولم ينج منها بلد إلا من رحم ربي.
ولقد أخذ المفكرون والسياسيون يتساءلون حول هذه الظاهرة وأسبابها وأهدافها ومصادر تمويلها وتسليحها وكان لابد أن تتعدد الآراء وتتنوع التحليلات حسب رؤية كل مفكر وانتمائه السياسي والمذهبي وأصبحت هذه الظاهرة هي الهم الأكبر الشاغل للشارع العربي والإسلامي وبعد أن تحولت معظم دول المنطقة إلى لاجئين هجروا ديارهم وأوطانهم بلا مأوى ولا طعام ولا مسكن إلا ما تجود به دول العالم ولعل ما نشاهده عبر وسائل الإعلام يجسد لنا خطورة المشكلة وهول الكارثة التي حلت بالمنطقة والتي لم تشهد لها نظيراً في التاريخ القديم والحديث منه على سواء.
ولقد حلت في المنطقة روح الكراهية والحقد محل التسامح والمحبة التي نزلت وبشرت بها الأديان السماوية الثلاثة ، ومع كثرة التحليلات والتساؤلات التي قرأناها حول تفسير هذه الظاهرة وأسبابها فإننا نجد شبه اتفاق على أن هناك خللاً في الخطاب الديني ينبغي تداركه هو سبب رئيس في ظاهرة التطرف الديني والإرهاب الأسود التي تعانى منه المنطقة العربية.
ومع إيماننا بأن الخطاب الديني له أثره البالغ سلباً وإيجاباً في سلوك المجتمع وما يدور فيه من ظواهر اجتماعية إلا أن ظاهرة الإرهاب الأسود التي تعاني منها المنطقة العربية ينبغي تناولها بنظرة تحليلية أكثر شمولاً وأصدق تعبيراً عن الواقع الذي عاشته وتعيشه المنطقة. ولابد أن نفرق في هذه التحليلات بين ما يسمى بالتطرف الديني الناتج عن فتوى شاذة أو رأى غريب والإرهاب الأسود المسلح المفروض على المنطقة كلها من الخارج، والذى عمت آثاره دول المنطقة العربية إلا دولة واحدة هي دولة إسرائيل.
ذلك أن الخطاب الديني لا يتحمل وحده أوزار الواقع المؤلم الذى تعيشه المنطقة العربية ولا يبوء بإثم الجرائم التي ترتكب فيها حتى وإن تسترت هذه الظاهرة زوراً وبهتاناً بستار الدين أو التدين المغلوط، ذلك أن الخطاب الديني يشكل عنصراً واحداً فقط من مجموعة العناصر التي تشكل البنية الأساسية لثقافة الإنسان المعاصر، هذه البنية التي أصابها الخلل في جميع عناصرها منذ عقود من الزمان حيث أصاب الخلل الخطاب الإعلامي والخطاب الثقافي والخطاب السياسي والاجتماعي وما الخطاب الديني إلا عنصر واحد من مكونات هذه البنية الثقافية التي تحتاج إلى تجديد كل عناصرها وليس الخطاب الديني فقط. ذلك أن الواقع الذي تعيشه المنطقة العربية الآن هو ميراث تاريخي لمجموعة من الأسباب التي أصابت البنية الثقافية لإنسان العصر فأصابته بافتقاد المناعة وعدم الحصانة وأصبح قابلاً لكل مرض يصيبه بالعطب فى ولاءه السياسي والاجتماعي والديني ، وحين تستحكم العلل وتتمكن فيكون العلاج صعباً وعسيراً ويحتاج العلاج حينئذ إلى أمانة في التشخيص وصدق في وصف الدواء.
السيدات والسادة إننا ينبغي أن نقوم بمراجعة شاملة لمكونات البنية الأساسية لثقافة الإنسان العربي نتعرف خلالها على مقاصد الوحي الديني وما هو حظه ونصيبه في مكونات عناصر هذه الطبيعة كما نتعرف أيضاً على أهداف السياسيين ومقاصدهم وأثر ذلك في الواقع الذى تعيشه المنطقة.
فإن مقاصد الوحي السماوي في الأديان الثلاثة واحدة متعاضدة وليست متعارضة ، كلمتها في ذلك واحدة خير كلها، عدل كلها، ورحمة كلها.
وكل ما خرج من الخير إلى الشر ومن العدل إلى الظلم ومن الرحمة إلى القسوة.
فليس من وحي الله في الأديان السماوية الثلاثة وإنما هو من فعل الإنسان وعبث المفسرين للنصوص ومن آثار سطوة السياسيين، لقد نزلت الأديان كلها تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر فحرمت سفك الدماء وهتك الأعراض واغتصاب المال وجعلت حفظ ذلك والدفاع عنه مطلباً شرعياً فى الأديان الثلاثة ذلك ما نصت عليه التوراة والإنجيل ونزل به القرآن. لأن تحقيق السلام الاجتماعي مقصد شرعي بل من أهم مقاصد الوحي في الأديان الثلاثة. دعا إليه الأنبياء كلهم ونادى به ورثة الأنبياء والمصلحون من بعدهم.
واتفقت كلمة الرسل ونصوص الوحي في الأديان كلها على أن مفاتيح السلام الاجتماعي وتحقيقه يكمن في تحقيق العدل بين الناس أفراداً وشعوباً حكاماً ومحكومين، العدل في الكلمة: قال تعالى: وإذا قلتم فاعدلوا ، ولو كان ذا قربى.
العدل مع العدو قال تعالى: “وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآَنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى” .
العدل في الحكم بين الناس: “يَا دَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَى” ، ذلك أن تحقيق العدل هو ميزان الحق الذى أنزله الله ليتحاكم إليه ويتحاكم به الناس.
ومن هنا فقد اتفق أتباع الملل الثلاثة على أن السلام الاجتماعي واستقرار الممالك يدوم مع العدل والكفر ولا يدوم مع الظلم والإيمان، وأن تحقيق العدل أساس في استقرار السلام الاجتماعي وهو الركن الأعظم والأساسي لبناء الحضارات لأن الله يقيم الدولة العادلة وإن كانت كافرة ولا يقيم الدولة الظالمة وإن كانت مؤمنة، وهذه سنة الله في كونه وعدله بين عباده.
قال تعالى: “وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ” ذلك أن العدل أساس الملك وإذا سقط الأساس لابد أن ينهار البناء.
السيدات والسادة .. هذا ما نزل به الوحي في الأديان الثلاثة كلمة الأنبياء في ذلك واحدة من أولهم إلى آخرهم. قال تعالى: “شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ ” (الشورى) ، وقال تعالى: “مَا يُقَالُ لَكَ إِلَّا مَا قَدْ قِيلَ لِلرُّسُلِ مِنْ قَبْلِكَ”.
ولقد جسدت الشريعة الإسلامية مقاصد الوحي كله في الأركان الأساسية لتحقيق السلام الاجتماعي واعتبارها ضرورات حياة ووجود وهي حفظ النفس / حفظ العقل / حفظ المال / حفظ العرض / حفظ الدين / ونضيف إليها حفظ العقيدة وحرية الاعتقاد، وهذه المقاصد قد استمدت منها دساتير العالم مبادئها واستمدت منها الأمم المتحدة وثيقة حقوق الإنسان لأنها تجسد قيم الفطرة الإنسانية السليمة والمبادئ الأخلاقية الكبرى التي لا تستقيم حياة المجتمعات إلا بها، ولذلك فقد أطلقت عليها كتب الفقه الإسلامي مصطلح الضرورات الخمس.
فليس هناك يهودي ولا نصراني ولا مجوسى إلا وتمثل هذه المقاصد هدفاً له يعيش بها ونعيش من أجلها لأنها قيم إنسانية تمثل الفطرة الإنسانية التي فطر الله الإنسان عليها فهى ضرورات حياة.
ولذلك فقد نزلت بها الأديان السماوية الثلاثة فأمرت بها وجعلت الحفاظ عليها أمراً يتعبد به الإنسان لخالقه ويسعد به في حياته. قال تعالى: “مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا وَلَقَدْ جَاءَتْهُمْ رُسُلُنَا بِالْبَيِّنَاتِ ثُمَّ إِنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ بَعْدَ ذَلِكَ فِي الْأَرْضِ لَمُسْرِفُونَ” (المائدة 32).
وقال سبحانه : “وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَالْأَنْفَ بِالْأَنْفِ وَالْأُذُنَ بِالْأُذُنِ وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ فَمَنْ تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَهُ وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (45) وَقَفَّيْنَا عَلَى آَثَارِهِمْ بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْرَاةِ وَآَتَيْنَاهُ الْإِنْجِيلَ فِيهِ هُدًى وَنُورٌ وَمُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْرَاةِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِينَ (46) ”
(المائدة 45 ، 46).
وقال سبحانه في حق أهل الكتاب : “لَيْسُوا سَوَاءً مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أُمَّةٌ قَائِمَةٌ يَتْلُونَ آَيَاتِ اللَّهِ آَنَاءَ اللَّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ (113) يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَأُولَئِكَ مِنَ الصَّالِحِينَ (114)” (آل عمران 113 ، 114).
“وَمِنْ قَوْمِ مُوسَى أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ” (الأعراف 159) ” وَكَتَبْنَا لَهُ فِي الْأَلْوَاحِ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مَوْعِظَةً وَتَفْصِيلًا لِكُلِّ شَيْءٍ فَخُذْهَا بِقُوَّةٍ وَأْمُرْ قَوْمَكَ يَأْخُذُوا بِأَحْسَنِهَا سَأُرِيكُمْ دَارَ الْفَاسِقِينَ ” (الأعراف 145).
وما نزلت به التوراة صدقه الإنجيل في وصايا عيسى عليه السلام لا تقتل لا تسرق لا تزن. من لطمك على خدك الأيمن فأدر له الأيسر أيضاً.
ثم جاء القرآن الكريم مصدقاً لذلك كله وداعياً إليه باعتباره شريعة للإنسانية وركيزة أساسية لتحقيق السلام الاجتماعي للعلاقات الإنسانية بين الأفراد والشعوب على حد سواء. فجعل السلام شعاراً لنشر ثقافة المحبة والود بين الأفراد ـ قال صلى الله عليه وسلم ـ ألا أدلكم على شيء، إذا فعلتموه تحاببتهم أفشوا السلام بينكم. ألق السلام على من تعرف ومن لا تعرف ، ولم يكن ذلك شعاراً نظرياً طارئاً على حياة الفرد والجماعة.
وإنما جعل الإسلام نشر ثقافة السلام مطلباً شرعياً وأساساً لبناء السلام الاجتماعي ومن يقرأ كتب الصحاح في الحديث النبوي التي لم نسلم من أذى البعض ممن لا يجيدون قراءة الفاتحة ولا يعرفون أركان الوضوء.
ومن يطالع كتب الآداب في البخارى ومسلم وكتب السنن يعى تماماً أهمية نشر ثقافة السلام في الإسلام والسياج التشريعي الذي حصنت به السنة النبوية تحقيق هذه المقاصد وأهيمته في تربية النشء على التعبد لله بها وأول ذلك أن الإسلام جعل تبسمك في وجه أخيك صدقه نتقرب بها إلى الله وتستفيد بها له وجعل الكلمة الطيبة صدقة وإماطة الأذى عن الطريق صدقة.
هذه هي مقاصد الوحي في الأديان السماوية الثلاثة وكلها تدور حول تحقيق السلام الاجتماعي ونشر ثقافة المحبة بين الناس.
وماذا عن أهداف السياسيين والسياسة العالمية في منطقتنا العربية؟
وما هي مقاصدهم فيها، وما هي وسائلهم لتحقيق أهدافهم منها. إن الواقع الذي تعيشه المنطقة يطرح العديد من الأسئلة حول ما يجري فيها ، وهل ما يجري في المنطقة يعبر عن مساق تاريخي واحد وهدف واحد وهل ما يجري في المنطقة إفراز طبيعي لواقع عاشته وتعيشه المنطقة أم لا؟
إن خير ما يحدثنا عن أهداف السياسيين في المنطقة العربية هو قراءة تاريخها في القرنيين الماضيين ، حيث بسط الاستعمار سلطانه على المنطقة سياسياً واقتصادياً وثقافياً وقام بإحلال وتبديل مجموعة القيم الأساسية التي كانت تشكل الإنسان المسلم ليحل محلها قيم جديدة لإنسان جديد يريده الاستعمار بولاء جديد وثقافة جديدة ، وكان القرن العشرون الوعاء التاريخي لحربين عالميتين عاشتهما المنطقة فنتج عن الحرب الأولى وعد بلفور الذي منحت بريطانيا بمقتضاه وطناً لا نملكه لشعب لا يستحقه ونتج عن الحرب الثانية ميلاد غير شرعي لدولة لقيطة في المنطقة باركتها كل دول الاستعمار وكان ميلاد هذه الدولة تجسيداً حياً لجذور الإرهاب الأسود الذى تعددت مظاهره وتنوعت أساليبه وعم أنحاء المنطقة وروجت له الصهيونية العالمية في العالم على أنه إرهاب إسلامي، وللأسف الشديد فإن بعض الأجهزة الإعلامية العربية وقعت في هذه المصيدة اللعينة ورددت هذه الأكاذيب ولم تتنبه إلى أن ما يجري في المنطقة الآن هو تجسيد لمرحلة جديدة من مراحل الصراع الصهيوني فى المنطقة كلها إنها مرحلة تفكيك دول المنطقة وتقطيع أوصالها تحت شعار الصراع الطائفى والمذهبي والعرقي لتصبح المنطقة مهيأة لميلاد الشرق الأوسط الجديد تكون السيادة المطلقة فيه لدولة التوراة التي يمتد سلطانها من النيل إلى الفرات إن المتأمل في خريطة المنطقة ونشاط الإرهاب الأسود فيها لابد أن يتساءل لماذا ينتشر هذا الإرهاب في معظم دول المنطقة وبين شعوبها إلا دولة إسرائيل. أليس هذا السؤال مشروعاً ووارداً على ذهن المحللين السياسيين.
إن ما يجرى في المنطقة العربية من ظواهر الإرهاب ومظاهره يجسد الأسلوب الذى اتخذته الصهيونية وارتضته طريقاً سهلاً لتفكيك دول المنطقة والعمل على إثارة الصراع المذهبي والطائفي وسادت ثقافة الترصد والتربص بين الفرقاء وأصبح أصدقاء الأمس أعداء اليوم وأصبحت التربة صالحة لتنفيذ أهداف السياسيين في المنطقة.
لقد أبادت الحرب العالمية الأولى سبعة ملايين من البشر كما أبادت الحرب العالمية الثانية 50 مليوناً ، ولم نسمع من أحد من السياسيين والمحللين من وصف اليهودية بالإرهاب أو قال باليهودية فوبيا أو وصف المسيحية بالإرهاب أو قال بالمسيحية فوبيا ولم يخط ذلك على ذهن أحد من المفكرين أن ينسب إجرام الحرب اليهودية أو الصليبية إلى الديانة اليهودية أو إلى الديانة المسيحية والذي تفعله الصهيونية بالعرب في أرض فلسطين يجسد كل ألوان الإرهاب الذي لم تعرفه الإنسانية من قبل قتلاً وتشريداً وسفكاً لدماء الأطفال والنساء ولم يخطر بذهن مفكر أن ينسب ذلك إلى الدين اليهودي لأن لكل مؤمن بأن هذا الإجرام وهذا الإرهاب من فعل المجرمين والإرهابيين سواء كانوا يهوداً أو نصارى أو مسلمين وليس للدين دخل في ذلك أو سبب ولا له علاقة به ، فلماذا يصر السياسيون على أن ينسبوا إرهاب المتطرفين إلى الإسلام ويدندنون عن الإسلام فوبيا ولما لم ينسبوا ذلك إلى المتطرفين.
وليس من الإنصاف ولا من العدل أن نحمل الإسلام أو الخطاب الديني أوزار المتطرفين من القوم وسوء صنيعهم، لأن الأمر يحتاج إلى إعادة النظر في البنية الأساسية لثقافة الإنسان العربي بكل عناصرها وليس الخطاب الديني وحده ولا أن يتحمل الأزهر الشريف وحده إثم المسئولين عن الواقع الذي نعيشه، لأن هذا الواقع المؤلم هو حصاد طبيعي لمقدمات صنعها المسئولون عن المنطقة تربوياً وثقافياً واجتماعياً وسياسياً وأن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم ولقد تبين من قراءة التاريخ أن أهداف السياسيين في العالم أن سعد بها حزب فقد شقى بها أحزاب، وإن سعدت بها دولة فقد شقيت بها دول وشعوب، وإن تنعمت به طائفة في المجتمع فقد شقى بها الجمهور الأعظم من الشعوب.
إن هذه السياسات الجائرة هى التي تلعب بمصائر الشعوب النامية وتصر على تفكيك أوصالها وتصادر إرادة شعوبها وتراهن على مستقبلهم بنظريات سياسية تجسد سطوة القوة وبطش الأقوياء بعيداً عن أى مبدأ أخلاقي أو قيمة دينية. إن آفة العصر الذي نعيشه أن ترتبط مصائر الشعوب ومقدرات الأوطان بمقاصد السياسيين الذين يمتلكون مصانع الأسلحة المدمرة ويحرصون على فتح أسواق العالم النامي لتكون حقل تجارب لهذه الأسلحة وسوقاً رائجة للاتجار فيها استنزافاً لثروات الشعوب واحتلالاً لأوطانهم.
وقد حان الوقت ليخاطب رجال الأديان السماوية الثلاثة العالم كله من على منابر الأمم المتحدة بالعمل على تحقيق مقاصد الوحي لتسعد بها البشرية كلها وكفى العالم شقاء بأهداف السياسيين ومقاصدهم التي حولت الكرة الأرضية إلى غابة يأكل القوي فيها الضعيف، وأن تحول مصارف الأموال التي تنفق على أسلحة الدمار والخراب إلى مصدر لإسعاد العالم بالغذاء والكساء والصحة والتعليم تحقيقاً لمقاصد الوحي في الأديان الثلاثة وأرجو أن يصدر عن المؤتمر بيان يناشد شيخ الأزهر وبابا الفاتيكان أن يتبوأ مكانهما على منبر الأمم المتحدة ويطالبوا ساسة العالم بالعمل الجاد على تحقيق العدل بين الشعوب ونشر ثقافة السلام والمحبة كما بشرت بها الأديان السماوية وليس ذلك بمستحيل فإن عظائم الأمور تبدأ بكلمة. ولنبدأ بكلمة من هذا المؤتمر .. والله من وراء القصد .. وهو حسبي ونعم الوكيل.
محمد السيد الجليند
20/4/2017

السيرة الذاتية

سيرتنا الذاتية حافلة بالأعمال فى مجالات عقيدة و التى نفتخر بها على مر الزمان

المزيد

الاهداف والمقاصد وفلسفه الحياه

للحياة أهداف و مقاصد سامية, يجب الإنتباه إليها و العمل بها

المزيد

المقالات

الصهيونية العالمية .. وراء أزمات المنطقة العربية

المزيد

صفحات من ذكريات رائد الفلسفة الإسلامية

المزيد

شخصية الشهر

المزيد

تحقيق السلام الاجتماعي بين مقاصد الوحي وأهداف السياسيين

المزيد

معرض الفيديو

المزيد

الصوتيات

محاضرات عن الغزو الفكري ج 10

استماع

محاضرات عن الغزو الفكري ج 9

استماع

محاضرات عن الغزو الفكري ج 8

استماع

محاضرات عن الغزو الفكري ج 7

استماع

معرض الصور

المزيد